السيرة الذاتية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
هي الصدّيقة بنت الصدّيق أم عبدالله عائشة بنت أبي بكر بن قُحافة ، وأمها أم
رومان بنت عامر بن عويمر الكِنَانية ، ولدت في الإسلام ، بعد البعثة
النبوية بأربع أو خمس سنوات.
وعندما هاجر والدها مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إلى المدينة ، بعث إليها بعبد الله بن أريقط الليثي ومعه
بعيران أو ثلاثة للحاق به ، فانطلقت مهاجرة مع أختها أسماء ووالدتها وأخيها .
وقد عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة
ببضعة عشر شهراً وهي بنت ست سنوات ، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية
للهجرة وهي بنت تسع سنوات.
وقبل الزواج بها رآها النبي - صلى الله
عليه وسلم - في المنام ، فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو يحمل صورتها إليه
ويقول له : ( هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ) رواه الترمذي وأصله في الصحيحين .
ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها ،
وهو شرفٌ استأثرت به على سائر نسائه ، وظلّت تفاخر به طيلة حياتها ، وتقول
للنبي – صلى الله عليه وسلم - : " يا رسول الله ، أرأيت لو نزلتَ وادياً
وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها ، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها ، في أيها كنت ترتع
بعيرك ؟ " قال : ( في التي لم يرتع منها ) ، وهي تعني أنه لم يتزوج بكراً
غيرها ، رواه البخاري ، وتقول أيضاً : " لقد أُعطيت تسعاً ما أُعطيتها
امرأة بعد مريم بنت عمران - ثم قالت - لقد تزوجني رسول الله – صلى الله
عليه وسلم - بكراً ، وما تزوج بكراً غيري " .
وكان لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –لم تكن لسواها ،
حتى إنّه لم يكن يخفي حبّها عن أحد ، وبلغ من حبّه لها أنه كان يشرب من
الموضع الذي تشرب منه ، ويأكل من المكان الذي تأكل منه ، وعندما سأله عمرو
بن العاص رضي الله عنه : " أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ " ، قال له :
عائشة ) متفق عليه ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يداعبها ويمازحها ،
وربّما سابقها في بعض الغزوات .
وقد روت عائشة رضي الله عنها
ما يدلّ على ملاطفة النبي – صلى الله عليه وسلم – لها فقالت: ( والله لقد
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي ، والحبشة
يلعبون بالحراب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه لأنظر
إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه ، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ) رواه أحمد .
ولعلم الناس بمكانة عائشة من رسول الله – صلى الله
عليه وسلم - كانوا يتحرّون اليوم الذي يكون فيه النبي – صلى الله عليه وسلم
– عندها دون سائر الأيّام ليقدّموا هداياهم وعطاياهم ، كما جاء في
الصحيحين.
ومن محبتّه – صلى الله عليه وسلم – لها استئذانه لنساءه
في أن يبقى عندها في مرضه الذي تُوفّي فيه لتقوم برعايته .
ومما اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي – صلى الله عليه
وسلم - ، التي كانت دليلاً صادقاً وبرهاناً ساطعاً على شدّة محبّتها له ،
وقد عبّرت عن ذلك بقولها له : " وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ " رواه مسلم .
وفي يومٍ من الأيّام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها
، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام ، فقامت عائشة رضي الله عنها
إلى الوعاء فكسرته ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع الطعام وهو
يقول : ( غارت أمكم ) رواه البخاري .
وكلما تزوّج النبي - صلى الله
عليه وسلم – بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها لترى إن كانت ستنافسها في
مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكان النصيب الأعظم من هذه
الغيرة لخديجة رضي الله عنها بسبب ذكر رسول الله لها كثيراً .
وعندما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – في إحدى الليالي إلى البقيع ، ظنّت أنّه
سيذهب إلى بعض نسائه ، فأصابتها الغيرة ، فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته
، فعاتبها النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال لها : ( أظننت أن يحيف الله
عليك ورسوله ؟ ) رواه مسلم .
والحديث عن فضائلها لا يُملّ ولا ينتهي
، فقد كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة ، تُكثر من أفعال البرّ ووجوه
الخير ، وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها ، حتى
إنها تصدّقت ذات مرّة بمائة ألف درهم ، لم تُبق منها شيئاً .
وقد شهد لها النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفضل ، فقال :
( فضلُ عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام ) متفق عليه .
ومن فضائلها قوله - صلى الله عليه وسلم - لها : ( يا عائشة هذا جبريل يقرأ
عليك السلام ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله ) متفق عليه .
وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت
الكثير من علوم النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء
روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - امرأة
أعلم منها بدين الإسلام .
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي
الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط
فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً " رواه الترمذي .
وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت
مشيخة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض " رواه الحاكم .
وقال الزُّهري : لو ُجمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج
النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ " رواه الطبراني .
وإلى جانب علمها بالحديث والفقه ، كان لها حظٌٌّ وافرٌ
من الشعر وعلوم الطبّ وأنساب العرب ، واستقت تلك العلوم من زوجها ووالدها ،
ومن وفود العرب التي كانت تقدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها
آية التيمم ، وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت
منها ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بعض أصحابه ليبحثوا عنها ،
فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن
حضير لعائشة : " جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله
لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة " متفق عليه .
وعندما ابتليت رضي الله عنها بحادث الإفك ، أنزل الله براءتها من السماء قرآناً
يتلى إلى يوم الدين ، قال تعالى: { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم
لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي توَلى كبره منهم له عذاب عظيم ،
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين } (النور: 11-12).
وقد توفّيت سنة سبع وخمسين ، عن عمر يزيد على ثلاث وستين سنة ، وصلّى عليها أبو هريرة ، ثم
دفنت بالبقيع ، ولم تُدفن في حجرتها بجانب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
، فقد آثرت بمكانها عمر بن الخطاب ، فرضي الله عنهما وعن جميع أمهات المؤمنين
عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
هي الصدّيقة بنت الصدّيق أم عبدالله عائشة بنت أبي بكر بن قُحافة ، وأمها أم
رومان بنت عامر بن عويمر الكِنَانية ، ولدت في الإسلام ، بعد البعثة
النبوية بأربع أو خمس سنوات.
وعندما هاجر والدها مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إلى المدينة ، بعث إليها بعبد الله بن أريقط الليثي ومعه
بعيران أو ثلاثة للحاق به ، فانطلقت مهاجرة مع أختها أسماء ووالدتها وأخيها .
وقد عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة
ببضعة عشر شهراً وهي بنت ست سنوات ، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية
للهجرة وهي بنت تسع سنوات.
وقبل الزواج بها رآها النبي - صلى الله
عليه وسلم - في المنام ، فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو يحمل صورتها إليه
ويقول له : ( هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ) رواه الترمذي وأصله في الصحيحين .
ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها ،
وهو شرفٌ استأثرت به على سائر نسائه ، وظلّت تفاخر به طيلة حياتها ، وتقول
للنبي – صلى الله عليه وسلم - : " يا رسول الله ، أرأيت لو نزلتَ وادياً
وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها ، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها ، في أيها كنت ترتع
بعيرك ؟ " قال : ( في التي لم يرتع منها ) ، وهي تعني أنه لم يتزوج بكراً
غيرها ، رواه البخاري ، وتقول أيضاً : " لقد أُعطيت تسعاً ما أُعطيتها
امرأة بعد مريم بنت عمران - ثم قالت - لقد تزوجني رسول الله – صلى الله
عليه وسلم - بكراً ، وما تزوج بكراً غيري " .
وكان لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –لم تكن لسواها ،
حتى إنّه لم يكن يخفي حبّها عن أحد ، وبلغ من حبّه لها أنه كان يشرب من
الموضع الذي تشرب منه ، ويأكل من المكان الذي تأكل منه ، وعندما سأله عمرو
بن العاص رضي الله عنه : " أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ " ، قال له :
عائشة ) متفق عليه ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يداعبها ويمازحها ،
وربّما سابقها في بعض الغزوات .
وقد روت عائشة رضي الله عنها
ما يدلّ على ملاطفة النبي – صلى الله عليه وسلم – لها فقالت: ( والله لقد
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي ، والحبشة
يلعبون بالحراب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه لأنظر
إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه ، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ) رواه أحمد .
ولعلم الناس بمكانة عائشة من رسول الله – صلى الله
عليه وسلم - كانوا يتحرّون اليوم الذي يكون فيه النبي – صلى الله عليه وسلم
– عندها دون سائر الأيّام ليقدّموا هداياهم وعطاياهم ، كما جاء في
الصحيحين.
ومن محبتّه – صلى الله عليه وسلم – لها استئذانه لنساءه
في أن يبقى عندها في مرضه الذي تُوفّي فيه لتقوم برعايته .
ومما اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي – صلى الله عليه
وسلم - ، التي كانت دليلاً صادقاً وبرهاناً ساطعاً على شدّة محبّتها له ،
وقد عبّرت عن ذلك بقولها له : " وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ " رواه مسلم .
وفي يومٍ من الأيّام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها
، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام ، فقامت عائشة رضي الله عنها
إلى الوعاء فكسرته ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع الطعام وهو
يقول : ( غارت أمكم ) رواه البخاري .
وكلما تزوّج النبي - صلى الله
عليه وسلم – بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها لترى إن كانت ستنافسها في
مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وكان النصيب الأعظم من هذه
الغيرة لخديجة رضي الله عنها بسبب ذكر رسول الله لها كثيراً .
وعندما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – في إحدى الليالي إلى البقيع ، ظنّت أنّه
سيذهب إلى بعض نسائه ، فأصابتها الغيرة ، فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته
، فعاتبها النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال لها : ( أظننت أن يحيف الله
عليك ورسوله ؟ ) رواه مسلم .
والحديث عن فضائلها لا يُملّ ولا ينتهي
، فقد كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة ، تُكثر من أفعال البرّ ووجوه
الخير ، وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها ، حتى
إنها تصدّقت ذات مرّة بمائة ألف درهم ، لم تُبق منها شيئاً .
وقد شهد لها النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفضل ، فقال :
( فضلُ عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام ) متفق عليه .
ومن فضائلها قوله - صلى الله عليه وسلم - لها : ( يا عائشة هذا جبريل يقرأ
عليك السلام ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله ) متفق عليه .
وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت
الكثير من علوم النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء
روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - امرأة
أعلم منها بدين الإسلام .
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي
الله عنه : " ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط
فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً " رواه الترمذي .
وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت
مشيخة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن الفرائض " رواه الحاكم .
وقال الزُّهري : لو ُجمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج
النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ " رواه الطبراني .
وإلى جانب علمها بالحديث والفقه ، كان لها حظٌٌّ وافرٌ
من الشعر وعلوم الطبّ وأنساب العرب ، واستقت تلك العلوم من زوجها ووالدها ،
ومن وفود العرب التي كانت تقدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها
آية التيمم ، وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت
منها ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بعض أصحابه ليبحثوا عنها ،
فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن
حضير لعائشة : " جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله
لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة " متفق عليه .
وعندما ابتليت رضي الله عنها بحادث الإفك ، أنزل الله براءتها من السماء قرآناً
يتلى إلى يوم الدين ، قال تعالى: { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم
لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي توَلى كبره منهم له عذاب عظيم ،
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين } (النور: 11-12).
وقد توفّيت سنة سبع وخمسين ، عن عمر يزيد على ثلاث وستين سنة ، وصلّى عليها أبو هريرة ، ثم
دفنت بالبقيع ، ولم تُدفن في حجرتها بجانب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
، فقد آثرت بمكانها عمر بن الخطاب ، فرضي الله عنهما وعن جميع أمهات المؤمنين