كيف تحصل كرامات أولياء الله
كيف تحصل كرامات أولياء الله
وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة اتباع رسوله . فهي في الحقيقة تدخل في معجزات الرسول .
كرامات النبي صلى الله عليه وسلم
مثل انشقاق القمر وتسبيح الحصا في كفه، وإتيان الشجر إليه، وحنين الجذع إليه، وإخباره
ليلة المعراج بصفة بيت المقدس، وإخباره بما كان وما يكون، وإتيانه بالكتاب
العزيز، وتكثير الطعام والشراب مرات كثيرة، كما أشبع في الخندق العسكر من
قدر طعام وهو لم ينقص، في حديث أم سليم المشهور، وروى العسكر في غزوة خيبر
من مزادة ماء ولم تنقص، وملأ أوعية العسكر عام تبوك من طعام قليل ولم ينقص،
وهم نحو ثلاثين ألفا ونبع الماء من بين أصابعه مرات متعددة حتىكفى الناس
الذين كانوا معه، كما كانوا في غزوة الحديبية نحو ألف وأربعمائة أو
خمسمائة، ورده لعين أبي قتادة حين سالت على خده فرجعت أحسن عينيه، ولما
أرسل محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف فوقع وانكسرت رجله فمسحها فبرأت،
وأطعم من شواء مائة وثلاثين رجلا كلا منهم حز له قطعة، وجعل منها قصعتين
فأكلوا منهما جميعهم، ثم فضل فضله. وقضى ( دين) عبدالله أبي جابر لليهودي
وهو ثلاثون وسقا.
قال جابر: فأمر صاحب الدين أن يأخذ
التمر جميعه بالذي كان له فلم يقبل، فمشى فيها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، ثم قال لجابر: جد له، فوفاه الثلاثين وسقا، وفضل سبعة عشر وسقا ومثل
هذا كثير، قد جمعت نحو ألف معجزة.
كرامات الصحابة والتابعين
وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدا، مثل ما كان أسيد بن حضير يقرأ
سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج، وهي الملائكة نزلت
لقرائته وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين، وكان سلمان و أبو الدرداء
يأكلان في صحفة، فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها. و"عباد بن بشر وأسيد بن حضير
خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فأضاء لهما نور
مثل طرف السوط، فلما افترقا، افترق الضوء معهما" رواه البخاري وغيره.
وقصة الصديق في الصحيحين " لما ذهب
بثلاثة أضياف معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر
منها، فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر وامرأته، فإذا
هي أكثر مماكانت، فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء إليه
أقوام كثيرون فأكلوا منها وشبعوا ".
وخبيب بن عدي كان أسيرا عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى، وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة .
وعامر بن فهيرة قتل شهيدا،
فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه، وكان لما كان قتل رفع، فرآه عامر بن الطفيل
وقد رفع. وقال عروة: فيرون الملائكة رفعته .
وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد
ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة، سمعت حسا
على رأسها، فرفعته فإذا دلو معلق، فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها
" وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الأسد بأنه رسول رسول الله ، فمشى معه الأسد حتى أوصله مقصده ".
والبراء بن مالك كان إذا أقسم على
الله تعالى أبر قسمه، وكان الحرب إذا اشتدت على المسلمين في الجهاد يقولون:
يا براء! أقسم على ربك، فيقول: يا رب! أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم،
فيهزم العدو، فلما كان يوم القادسية قال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا
أكتافهم وجعلتني أول شهيد، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا .وخالد بن
الوليد حاصر حصنا منيعا، فقالوا: لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره.
وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة، ما دعا قط إلا استجيب له، وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق .
وعمر بن الخطاب لما أرسل جيشا أمر
عليهم رجلا يسمى سارية، فبينما عمر يخطب فجعل يصيح على المنبر: يا سارية!
الجبل، يا سارية الجبل الجبل، فقدم رسول الجيش فسأله، فقال يا أمير
المؤمنين! لقيننا عدونا فهزمونا فإذا بصائح: يا سارية الجبل، يا سارية
الجبل، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله .
ولما عذبت الزنيرة على الاسلام في
الله، فأبت إلا الإسلام وذهب بصرها،قال المشركون: أصاب بصرها اللات والعزى،
قالت: كلا والله، فرد الله عليها بصرها .
ودعا سعيد بن زيد على أروى بنت
الحكم فأعمى بصرها لما كذبت عليه، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها
واقتلها في أرضها فعميت ووقعت في حفرة من أرضها فماتت .
والعلاء بن الحضرمي كان عامل رسول
الله صلى الله عليه وسلم على البحرين وكان يقول في دعائه: يا عليم يا حليم
يا علي يا عظيم، فيستجاب له، ودعا الله بأن يسقوا ويتوضؤوا،لما عدموا
الماء، والإسقاء لما بعدهم، فأجيب. ودعا الله لما اعترضهم البحر ولم يقدروا
على المرور بخيولهم، فمروا كلهم على الماء ما ابتلت سروج خيولهم، ودعا
الله أن لا يروا جسده إذا مات، فلم يجدوه في اللحد، وجرى مثل ذلك لأبي مسلم
الخولاني الذي ألقي في النار، فإنه مشى هو ومن معه من المعسكر على دجلة،
وهي ترمي بالخشب من مدها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: تفقدون من متاعكم شيئا
حتى أدعو الله عز وجل فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة، فقال: اتبعني، فتبعته
فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها، وطلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة، فقال
له: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمد رسول الله؟
قال: نعم، فأمر بنار فألقي فيها، فوجدوه قائما يصلي فيها، وقد صارت عليه
بردا وسلاما.
وقدم المدينة بعد موت النبي فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وقال:
الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به
كما فعل بإبراهيم خليل الله، ووضعت له جاريته السم في طعامه فلم يضره،
وخببت امرأة عليه زوجته، فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت، فدعا لها فرد الله
عليها بصرها.
وكان عمر بن عبد قيس يأخذ عطاءه ألفي
درهم في كمه، ومايلقاه سائل في طريقه ألا أعطاه بغير عدد، ثم يجيء إلى
بيته فلا يتغير عددها ولا وزنها. ومر بقافلة قد حبسهم الأسد، فجاء حتى مس
بثيابه الأسد، ثم وضع رجله على عنقه وقال: إنما أنت كلب من كلاب
الرحمن،وإني أستحيي من الله أن أخاف شيئا غيره، ومرت القافلة، ودعا الله
تعالى أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، ودعا ربه
أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة، فلم يقدر عليه.
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج، فدخلوا عليه ست مرات فدعا الله عز وجل فلم يروه، ودعا على بعض الخوارج - كان يؤذيهم - فخر ميتا.
وصلة بن أشيم مات فرسه وهو في
الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق علي منة. ودعا الله عز وجل فأحيا له
فرسه، فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فانه عارية، وأخذ سرجه
فمات الفرس. وجاع مرة بالأهواز، فدعا الله عز وجل استطعمه، فوقعت خلفه
دوخلة رطب في ثوب حرير، فأكل التمر، وبقي الثوب عند زوجته زمانا. وجاءه
الأسد وهو يصلي في غيضه بالليل، فلما سلم قال له: اطلب الرزق من غير هذا
الموضع، فولى الأسد وله زئير.
وكانسعيد ين المسيب في أيام الحرة
يسمع الأذان من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات الصلوات، وكان
المسجد قد خلا، فلم يبقى غيره.
ورجل من النخع كان له حمار فمات في
الطريق، فقال له أصحابه: هلم نتوزع متاعك على رحالنا، فقال لهم: أمهلوني
هنيهة، ثم توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين، ودعا الله تعالى فأحيا له حماره،
فحمل عليه متاعه.
ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه
أكفانا لم تكن معه قبل، ووجدوا له قبرا محفورا فيه لحد في صخرة، فدفنوه
فيه وكفنوه، في تلك الأثواب.
وكان عمرو بن عقبة بن فرقد يصلي
يوما في شدة الحر فأظلته غمامة وكان السبع يحميه وهو يرعى ركاب أصحابه،
لأنه كان يشترط على أصحابه في الغزو أنه يخدمهم.
وكان مطرف بن الشخير إذا دخل بيته سبحت معه آنيته، وكان هو وصاحب له يسيران في ظلمة، فأضاء لهما طرف السوط.
ولما مات الأحنف بن قيس، وقعت قلنسوة رجل في قبره، فأهوى ليأخذها فوجد القبر قد فسح فيه مد البصر.
وكان إبراهيم التميمي يقيم الشهر
والشهرين لا يأكل شيئا، وخرج يمتار لأهله طعاما فلم يقدر عليه، فمر بسهلة
حمراء فأخذ منها، ثم رجع إلى أهله ففتحها فإذا هي حنطة حمراء، فكان إذا زرع
منها تخرج السنبلة من أصلها إلى فرعها حبا متراكبا.
وكان عتبة الغلام سأل ربه ثلاث خصال:
صوتا حسنا، ودمعا غزيرا، وطعاما من غير تكلف. فكان إذا قرأ بكى وأبكى،
ودموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدري من أين
يأتيه.
وكان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج، فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء، فكانت وقت الوضوء تطلق له أعضاءه ثم تعود بعدها.
وهذا باب واسع. ( و) قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع.
وأما ما نعرفه نحن عيانا ونعرفه في
هذا الزمان فكثير، ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة
الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج، أتاه منها ما يقوي
إيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنيا عن ذلك، فلا
يأتيه مثل ذلك، لعلو درجته وغناه عنها، لنقص ولايته. ولهذا كانت هذه الأمور
في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي
الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة.
كيف تحصل كرامات أولياء الله
وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة اتباع رسوله . فهي في الحقيقة تدخل في معجزات الرسول .
كرامات النبي صلى الله عليه وسلم
مثل انشقاق القمر وتسبيح الحصا في كفه، وإتيان الشجر إليه، وحنين الجذع إليه، وإخباره
ليلة المعراج بصفة بيت المقدس، وإخباره بما كان وما يكون، وإتيانه بالكتاب
العزيز، وتكثير الطعام والشراب مرات كثيرة، كما أشبع في الخندق العسكر من
قدر طعام وهو لم ينقص، في حديث أم سليم المشهور، وروى العسكر في غزوة خيبر
من مزادة ماء ولم تنقص، وملأ أوعية العسكر عام تبوك من طعام قليل ولم ينقص،
وهم نحو ثلاثين ألفا ونبع الماء من بين أصابعه مرات متعددة حتىكفى الناس
الذين كانوا معه، كما كانوا في غزوة الحديبية نحو ألف وأربعمائة أو
خمسمائة، ورده لعين أبي قتادة حين سالت على خده فرجعت أحسن عينيه، ولما
أرسل محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف فوقع وانكسرت رجله فمسحها فبرأت،
وأطعم من شواء مائة وثلاثين رجلا كلا منهم حز له قطعة، وجعل منها قصعتين
فأكلوا منهما جميعهم، ثم فضل فضله. وقضى ( دين) عبدالله أبي جابر لليهودي
وهو ثلاثون وسقا.
قال جابر: فأمر صاحب الدين أن يأخذ
التمر جميعه بالذي كان له فلم يقبل، فمشى فيها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، ثم قال لجابر: جد له، فوفاه الثلاثين وسقا، وفضل سبعة عشر وسقا ومثل
هذا كثير، قد جمعت نحو ألف معجزة.
كرامات الصحابة والتابعين
وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدا، مثل ما كان أسيد بن حضير يقرأ
سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج، وهي الملائكة نزلت
لقرائته وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين، وكان سلمان و أبو الدرداء
يأكلان في صحفة، فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها. و"عباد بن بشر وأسيد بن حضير
خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فأضاء لهما نور
مثل طرف السوط، فلما افترقا، افترق الضوء معهما" رواه البخاري وغيره.
وقصة الصديق في الصحيحين " لما ذهب
بثلاثة أضياف معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر
منها، فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر وامرأته، فإذا
هي أكثر مماكانت، فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء إليه
أقوام كثيرون فأكلوا منها وشبعوا ".
وخبيب بن عدي كان أسيرا عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى، وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة .
وعامر بن فهيرة قتل شهيدا،
فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه، وكان لما كان قتل رفع، فرآه عامر بن الطفيل
وقد رفع. وقال عروة: فيرون الملائكة رفعته .
وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد
ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة، سمعت حسا
على رأسها، فرفعته فإذا دلو معلق، فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها
" وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الأسد بأنه رسول رسول الله ، فمشى معه الأسد حتى أوصله مقصده ".
والبراء بن مالك كان إذا أقسم على
الله تعالى أبر قسمه، وكان الحرب إذا اشتدت على المسلمين في الجهاد يقولون:
يا براء! أقسم على ربك، فيقول: يا رب! أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم،
فيهزم العدو، فلما كان يوم القادسية قال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا
أكتافهم وجعلتني أول شهيد، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا .وخالد بن
الوليد حاصر حصنا منيعا، فقالوا: لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره.
وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة، ما دعا قط إلا استجيب له، وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق .
وعمر بن الخطاب لما أرسل جيشا أمر
عليهم رجلا يسمى سارية، فبينما عمر يخطب فجعل يصيح على المنبر: يا سارية!
الجبل، يا سارية الجبل الجبل، فقدم رسول الجيش فسأله، فقال يا أمير
المؤمنين! لقيننا عدونا فهزمونا فإذا بصائح: يا سارية الجبل، يا سارية
الجبل، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله .
ولما عذبت الزنيرة على الاسلام في
الله، فأبت إلا الإسلام وذهب بصرها،قال المشركون: أصاب بصرها اللات والعزى،
قالت: كلا والله، فرد الله عليها بصرها .
ودعا سعيد بن زيد على أروى بنت
الحكم فأعمى بصرها لما كذبت عليه، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها
واقتلها في أرضها فعميت ووقعت في حفرة من أرضها فماتت .
والعلاء بن الحضرمي كان عامل رسول
الله صلى الله عليه وسلم على البحرين وكان يقول في دعائه: يا عليم يا حليم
يا علي يا عظيم، فيستجاب له، ودعا الله بأن يسقوا ويتوضؤوا،لما عدموا
الماء، والإسقاء لما بعدهم، فأجيب. ودعا الله لما اعترضهم البحر ولم يقدروا
على المرور بخيولهم، فمروا كلهم على الماء ما ابتلت سروج خيولهم، ودعا
الله أن لا يروا جسده إذا مات، فلم يجدوه في اللحد، وجرى مثل ذلك لأبي مسلم
الخولاني الذي ألقي في النار، فإنه مشى هو ومن معه من المعسكر على دجلة،
وهي ترمي بالخشب من مدها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: تفقدون من متاعكم شيئا
حتى أدعو الله عز وجل فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة، فقال: اتبعني، فتبعته
فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها، وطلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة، فقال
له: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمد رسول الله؟
قال: نعم، فأمر بنار فألقي فيها، فوجدوه قائما يصلي فيها، وقد صارت عليه
بردا وسلاما.
وقدم المدينة بعد موت النبي فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وقال:
الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به
كما فعل بإبراهيم خليل الله، ووضعت له جاريته السم في طعامه فلم يضره،
وخببت امرأة عليه زوجته، فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت، فدعا لها فرد الله
عليها بصرها.
وكان عمر بن عبد قيس يأخذ عطاءه ألفي
درهم في كمه، ومايلقاه سائل في طريقه ألا أعطاه بغير عدد، ثم يجيء إلى
بيته فلا يتغير عددها ولا وزنها. ومر بقافلة قد حبسهم الأسد، فجاء حتى مس
بثيابه الأسد، ثم وضع رجله على عنقه وقال: إنما أنت كلب من كلاب
الرحمن،وإني أستحيي من الله أن أخاف شيئا غيره، ومرت القافلة، ودعا الله
تعالى أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، ودعا ربه
أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة، فلم يقدر عليه.
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج، فدخلوا عليه ست مرات فدعا الله عز وجل فلم يروه، ودعا على بعض الخوارج - كان يؤذيهم - فخر ميتا.
وصلة بن أشيم مات فرسه وهو في
الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق علي منة. ودعا الله عز وجل فأحيا له
فرسه، فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فانه عارية، وأخذ سرجه
فمات الفرس. وجاع مرة بالأهواز، فدعا الله عز وجل استطعمه، فوقعت خلفه
دوخلة رطب في ثوب حرير، فأكل التمر، وبقي الثوب عند زوجته زمانا. وجاءه
الأسد وهو يصلي في غيضه بالليل، فلما سلم قال له: اطلب الرزق من غير هذا
الموضع، فولى الأسد وله زئير.
وكانسعيد ين المسيب في أيام الحرة
يسمع الأذان من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات الصلوات، وكان
المسجد قد خلا، فلم يبقى غيره.
ورجل من النخع كان له حمار فمات في
الطريق، فقال له أصحابه: هلم نتوزع متاعك على رحالنا، فقال لهم: أمهلوني
هنيهة، ثم توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين، ودعا الله تعالى فأحيا له حماره،
فحمل عليه متاعه.
ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه
أكفانا لم تكن معه قبل، ووجدوا له قبرا محفورا فيه لحد في صخرة، فدفنوه
فيه وكفنوه، في تلك الأثواب.
وكان عمرو بن عقبة بن فرقد يصلي
يوما في شدة الحر فأظلته غمامة وكان السبع يحميه وهو يرعى ركاب أصحابه،
لأنه كان يشترط على أصحابه في الغزو أنه يخدمهم.
وكان مطرف بن الشخير إذا دخل بيته سبحت معه آنيته، وكان هو وصاحب له يسيران في ظلمة، فأضاء لهما طرف السوط.
ولما مات الأحنف بن قيس، وقعت قلنسوة رجل في قبره، فأهوى ليأخذها فوجد القبر قد فسح فيه مد البصر.
وكان إبراهيم التميمي يقيم الشهر
والشهرين لا يأكل شيئا، وخرج يمتار لأهله طعاما فلم يقدر عليه، فمر بسهلة
حمراء فأخذ منها، ثم رجع إلى أهله ففتحها فإذا هي حنطة حمراء، فكان إذا زرع
منها تخرج السنبلة من أصلها إلى فرعها حبا متراكبا.
وكان عتبة الغلام سأل ربه ثلاث خصال:
صوتا حسنا، ودمعا غزيرا، وطعاما من غير تكلف. فكان إذا قرأ بكى وأبكى،
ودموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدري من أين
يأتيه.
وكان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج، فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء، فكانت وقت الوضوء تطلق له أعضاءه ثم تعود بعدها.
وهذا باب واسع. ( و) قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع.
وأما ما نعرفه نحن عيانا ونعرفه في
هذا الزمان فكثير، ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة
الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج، أتاه منها ما يقوي
إيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنيا عن ذلك، فلا
يأتيه مثل ذلك، لعلو درجته وغناه عنها، لنقص ولايته. ولهذا كانت هذه الأمور
في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي
الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة.