****
نقلاً عن جريدة اليوم - السعودية - ( عدد يوم السبت 14-11-1428هـ )
في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام
مكة المكرمة أمنها الله و الكعبة المشرفة رمز وحدة المسلمين
اليوم - مكة المكرمة
أوصى إمام و خطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح آل طالب
المسلمين بتقوى الله ، وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها امس في المسجد
الحرام إنه في هذه الايام تبتهج الرحاب الطاهرة بقدوم وفد الحجاج وتوالي
وصول القوافل فوق البيداء و عبر الأجواء أو مراكب تمخر عباب الماء من كل فج
عميق متوافدين الى بيت الله الحرام في هذه الأيام تتهيأ البلدة الطاهرة
لأعظم مواسمها وتزدهر مكة المكرمة بأعز ضيوفها كيف لا وهم وفد الله وضيف
الرحمن وحجاج بيت الله الحرام جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم
ويذكروا اسم الله في ايام معلومات ملبين نداء الخليل عليه السلام حين أمره
ربه بالنداء « وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل
فج عميق « ، وبين أنه نداء لبت صداه الأجيال على مر العصور و تطاول الدهور
في هذه الأيام تقرأ في وجوه الحجاج فرحة اللقاء وتحس منه حرارة الشوق ولهف
اللقيا حين حطوا رحالهم في جنبات الحرم وقرت عيونهم بمرأى الكعبة و الملتزم
فهذه الكعبة التي بناها ابراهيم وهذا المقام وزمزم والحجر و الحطيم وذاك
الصفا و المروة هنا خطى الأنبياء ونشأ الأولياء من الصحابة و التابعين
عرصات و روابي لها في رحم التاريخ جذر عريق وفي نفس المؤمن حب عميق لمكة
المكرمة وبيت الله الحرام والكعبة المشرفة قبلة المسلمين وأم القرى ومهبط
الوحي ومتنزل القرآن تعلقت به القلوب وهفت اليه الأرواح ، وأكد أنه لهذا
البيت المعظم و هذه البقعة المباركة مزايا و مكارم وفضائل وكمالات تفرد بها
عن سائر البقاع وشرف بها غاية الشرف وربك يخلق ما يشاء و يختار فهي خير
البقاع عند الله وأحبها الى رسول الله حيث قال صلى الله عليه و سلم / والله
إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله الى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت/
فيه المقاصد الدينية والمصالح الدنيوية بيت طاهر مطهر , اضافة المولى اليه
اضافة التشريف والتكريم والاجلال والتعظيم , تنجذب اليه القلوب فلا تفارقه
الأجساد الا و تشتاق اليه النفوس , وهذه المحبة و هذا الانجذاب هو دعوة
ابراهيم عليه السلام ، وأوضح امام وخطيب المسجد الحرام أن لبيت الله الحرام
فضائل و منازل وقداسة ومهابة فقصده يحط الخطايا والأوزار ويزيل الذنوب
والآثام فمكة المكرمة معرج الايمان وموطن الاسلام مأواه ومثواه فالأجور فيه
مباركة والصلاة فيه مضاعفة وكعبة الله معظمة هي أول بيت وضع في الأرض
لعبادة الله تعالى وهي رمز الاسلام وعلم التوحيد وقد باركه الله بارك ماءه
وبارك رزقه وبارك الحسنات فيه وبارك ما شاء سبحانه فجعل ثمرات الدنيا تجبى
اليه من كل مكان ومن كل نوع وجعل رزق اهله مباركا ، وقال إمام و خطيب
المسجد الحرام إن الأمن الذي قضاه الله لهذا الحرم الآمن طال كل شئ واكتنف
كل ما حواه الحرم فأرخى أمنه على الإنسان والحيوان والوحش والطير و الشجر و
الشوك انها بقعة الأمن و الأمان والإيمان والسلم والسلام والإسلام ومن
دخله كان آمنا لذا فقد حماه الله على مر الدهور وتوعد من أساء في حماه بل
حتى من هم فيه بالسوء او أراد الميل و الإفساد فقال الله عز شأنه ، (ومن
يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )، فإذا كان هذا لمن أراد فكيف بمن
فعل ، وأضاف يقول هذه مكة المكرمة بلدة أمنها الله و حرمها لايحل فيها
القتال ولايدخلها الدجال وكما أن الكعبة المشرفة هي أول بيت وضع في الأرض
فسيبقى بإذن الله شامخا عزيزا قبلة للمسلمين ومهوى افئدتهم ورمز وحدتهم
ومقصد حجهم إلى أن يأذن الله تعالى ببداية خراب الدنيا ونهاية العالم
وانفراط علامات الساعة الكبرى ومنها نزول عيسى بن مريم عليه السلام وخروج
يأجوج ومأجوج ، ودعا الشيخ صالح آل طالب المسلمين الى معرفة قدر بيت الله
الحرام وأن يعظموا في أنفسهم حرمته فهو من أعظم حرمات الله و شعائره ذلك
ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ، ووجه امام و خطيب المسجد الحرام
نداء الى كل المؤمنين أن يحفظوا هذه القدسية وأن يرعوا هذه الحرمة « ياأيها
الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام « فالواجب على المسلمين
من الحجاج و المقيمين ان يلتزموا ما يهيئ الجو الآمن والخشوع و السكينة
والأمن و الطمأنينة وواجب عليهم أن يقفوا عند حدود الله وأن يراعوا حقوق
عباد الله ومن اكرمه الله بسكنى مكة ومجاورة البيت فواجبه ان يتأدب بآدابه
وأن يلتزم أمر ربه فليس من الادب امتهان أرضه الطاهرة بمعصية الله ولا أذية
خلق الله ويعظم التأكيد مع قدوم الحجاج والذين نأت بهم الديار وارهقتهم
الأسفار وتحملوا ألم الغربة يرجون ما عند الله ويزدلفون بالقرب من بيته
فتقربوا الى الله بخدمتهم ورعايتهم والبشاشة لهم وحذاري حذاري ان تتحمل
مظلمة لاحدهم فالبيت قريب والرب يجيب ودعوة المظلوم مستجابة . وقال ان مما
تفاخر به هذه البلاد خدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج و
الزوار و المعتمرين خدمة ورعاية لم تسبق الى مثلها تمثلت في المشاريع
والعمارة والرفادة و السقاية والتنظيم و الرعاية وبذل الأموال الطائلة
والجهود الهائلة وحشد الطاقات و الجهود والأفراد من المؤسسات و الهيئات
والدوائر الحكومية وكل القدرات لخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة
وحجاج بيت الله الحرام رعاية وعناية لم يشهد التاريخ لها مثيلا . وأكد إمام
وخطيب المسجد الحرام أن بيت الله يستحق هذا وأكثر وكل هذه الخدمات من
تعظيم ما عظمه الله ومن تعظيم شعائر الله وفق الله القائمين على رعاية
الحجاج وخدمة البيت الحرام من المسؤولين ورجال الأمن , اعان الله رجال
الأمن وكافة المسؤولين وسدد خطاهم وحفظهم و أثابهم وحفظ الله خادم الحرمين
الشريفين وولي عهده الأمين وحفظ هذه البلاد وصية على بيته الحرام حافظة
لأمنه راعية لأهله مكرمة لزواره .